نسائمُ الرحمات فـي أشـهرِ الخـيرات

مَنْ لمْ يغرسْ في رجب ولـمْ يَســـْقِ في شعبان فكيف يبتغي حصاداً في رمضان

رجب شهر الزرع

شهر رجب هو أحد الشهور الأربعة الحُرُم التي خصها تعالى بالذكر، ونهى عن ظُلْم الأنفس فيها تشريفاً وتعظيماً لها. كُن أيُّها الموفَّق لهذا الشهرِ معظِّماً، ولفضلِه مُغْتنِمًا، وكُن أكثر إقبالاً على العمل الصالح والطاعات، قدر المستطاع؛ تقطف ثمارَها جنةً عرضُها السمواتُ والأرضُ أُعِدَّتْ للمتقين.فازرعْ  وتعهَّدْ زرعَك إن أردتَ حصاداً، فلا حصاد بغير  زرع، ولا زرع بدون أرض.  لتكن التوبة والتقرب الى الله تعالى والصدقة وصيامُ التطوع، وقراءة القرآن عدّّتنا الإيمانيةلشهر رمضان المبارك عسانا نكون من  المقبولين عنده سبحانه.فها هو رجبُ الخيرِ قد أقبل، وشعبانُ المعظّمُ آتٍ، وبعدهما رمضان، شهر التقوى والفرقان.

شعبان شهر السقيا

يَهلُّ عَلينا شَهْرُ شَعْبَانَ، فَنَقْتَربُ أَكْـثرَ فأكْـثرَ مِن رمضان شهر الخيرات. وقد كان r أكثرَ ما يصومُ في شهر شعبان، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيتُ رسولَ اللهِ r استكملَ صيامَ شهرٍ إلاَّ رمضانَ، وما رأيتُه أكثرَ صياماً منهُ في شعبانَ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِم.وعن أسامة بن زيد t قال: قُلتُ يا رسولَ اللهِ: لَمْ أَرَكَ تَصومُ شهراً من الشهور ما تَصُومُ مِنْ شَعبانَ، قالَ:  « ذَلِكَ شهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان،َ وَهُوَ شهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأعْمَالُ إِلَى ربِّ  الْعَالَمِين، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِم». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.وعلى هذا؛ يُستحسن صيام أيام من شعبان (المسنون)،كتمرين على صيام رمضان (المفروض)، وبذلك لا ندخل في صوم رمضان على مشقة.

رمضان شهر الحصاد

من حكمة الله تعالى أنه فَضّل بعضَ الأزمنة على بعض، فكان رمضانُ أفضل الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب.هو شهرُ القرآن والمغفرة والعتق من النيران، وشهرُ الجود والإحسان؛ لذا كان الرسول r أجودَ ما يكون في رمضان. وفيه ليلة القدر،جُعل فيها العملُ الصالح والعبادة خيراً من العمل في ألف شهر.فَحَريٌّ بنا إزاء تلك الفضائل أن نعرفَ لرمضانَ حقَّه، وأن نقدره حقّ قَدْره،ونُنْزلَهُ مَنزلتَهُ الفريدة. فعسى أن نحصد ما زرعناه، نحصد تقوىً ومغفرةً فيما بيننا وبين الله، ونحصد حبًا وتسامحًا وخُلُقاً زاكيًا مع الناس، ونحصد صدقًا ويقينًا مع النفس. فمن زرعَ فأحسن الزرع، وغرس فأحسن الغراس، وسقى وأجاد السقيا؛ حصد بإذنه تعالى الثمرات المباركات.

Last modified on الخميس, 03 أيلول/سبتمبر 2020 07:33